رئيس جمهورية طاجيكستان

كلمة فخامة الرئيس/ إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في حفل افتتاح المؤتمر الدولي الثاني الرفيع المستوى حول العقد الدولي للعمل "الماء من أجل التنمية المستدامة، 2018-2028م"

11:50 07.06.2022 ،مدينة دوشنبه

السادة رؤساء الوفود المحترمين،

السيدات والسادة الكرام ،

الضيوف الأعزاء،

إنه ليطيب لي أن أرحب بكم جميعاً أجمل ترحيب في مدينة دوشنبه.

إن مؤتمرنا اليوم ينعقد وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن استعراض شامل لمنتصف المدة لأهداف عقد المياه.

ونحن على ثقة أنه كحلقة وصل رئيسية سيقدم إسهاماً ملموساً في سلسلة الترتيبات التحضيرية الإقليمية والعالمية لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023م والذي سينعقد تحت رئاسة مشتركة لجمهورية طاجيكستان ومملكة هولندا.

وانتهازاً لهذه الفرصة أود أن أشير إلى أننا سنحتفل العام المقبل بالذكرى العشرين لانطلاق جهودنا المشتركة لتفعيل جدول أعمال الأمم المتحدة للمياه.

على مدى عشرين سنة مضت وفي إطار تنفيذ مبادرات مثل السنة الدولية للمياه النظيفة – 2003م، والعقد الدولي للعمل "الماء من أجل الحياة، 2005-2010م" والسنة الدولية للتعاون في مجال المياه – 2013م، لطالما قمنا بتعزيز المساعي والجهود المشتركة على كافة الأصعدة.

وإن المبادرات العالمية المشار إليها ساعدت على التعاون النشط لجميع الأطراف المعنية في مجال إدارة الموارد المائية وتنفيذ المشاريع في قطاع المياه، وكذلك في تطوير التقنيات والابتكارات الحديثة.

وأود أن أؤكد بشكل خاص على دور مبادرتنا الأخيرة - عقد "الماء من أجل التنمية المستدامة" في تنفيذ الأهداف الدولية المتفق عليها في مجال التنمية.

ونحن على يقين أنه بفضل التعاون وتوسيع الشراكات في إطار العِقد الدولي سيتم إيجاد نُهج وخطط لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي لها صلة بالمياه والصرف الصحي.

واغتناماً لهذه الفرصة أعرب عن جزيل الشكر والتقدير لقيادة الأمم المتحدة والوكالات ذات الصلة، ولا سيما أعضاء اللجنة الاستشارية الدولية لعملية دوشنبه للمياه والآخرين على مساعدتهم ودعمهم في تنظيم وعقد هذا المؤتمر.

كما أقدم خالص الشكر والتقدير للدول الأعضاء في الأمم المتحدة على دعمها المستمر للمبادرات والقرارات المقترحة من قبل بلادنا على مدى العقدين الأخيرين.

السيدات والسادة المحترمون،

إن المجتمع الدولي لم يكن قد انتهى بعد من اتخاذ تدابير لازمة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه حتى واجه تحدياً جديداً – جائحة "كوقيد 19".  

وبطبيعة الحال، خلال هذه الفترة وجهت جميع دول العالم كافة الوسائل والإمكانيات لمواجهة هذه الأزمة.

 ولكن لا ينبغي أن ننسى أن قضية المياه نظرًا لأهميتها المحورية يجب أن تظل دائمًا مسألة له أولويتها.

بناء على تقديرات الخبراء، بحلول عام 2050م من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات، مما سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة الطلب على المياه بعدة أضعاف.

ومع ذلك إن الجهود العامة لم تؤت بعد ثمارها المرجوة، فالمؤشرات التالية التي تعرفونها تشهد على ذلك:

 -  حوالي 2 مليار شخص في العالم لا تتوفر لديهم أنظمة توفير مياه الشرب الآمنة؛

- أكثر من 3.5 مليار شخص لا يحصلون على الرعاية الصحية الأساسية و2.3 مليار شخص لا تتوفر عندهم ظروف النظافة البسيطة؛

-  سنوياً يموت قرابة نصف مليون شخص بسبب الأمراض المعدية المتعلقة بالمياه.

وفي هذا الصدد يمكن القول بأن عملية التنفيذ الفعلي للأهداف والغايات المحددة في مجال تحقيق الحصول على مياه الشرب والصرف الصحي لا ترتقي إلى المستوى المطلوب.

 ومثل هذا الوضع ينبغي أن يكون مصدر قلق عميق لنا.

ونظراً لذلك لقد وضع مؤتمر دوشنبه أيضًا قضية الإمداد بمياه الشرب المأمونة وترابط قضايا المياه والصحة في محور أجندته.

الضيوف الكرام،

سيتناول مؤتمر اليوم الصلة الوثيقة بين المياه والبيئة وتغير المناخ.

وإننا خلال السنوات الخمس الأخيرة شهدنا ارتفاع حرارة الطقس بشكل غير مسبوق في العالم مما تسبب في الجفاف وغير ذلك من الكوارث الطبيعية وترك آثار سلبية على الأمن الغذائي وغير ذلك من قطاعات الاقتصاد في بلداننا.

وفي التقرير الصادر مؤخراً عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تم تسليط الضوء أيضاً على دور المياه في التكيف مع التغير المناخي وتحقيق الاستدامة في هذا المسار.

وفي ذات الوقت أشار التقرير إلى أن ذوبان موارد الثلوج والأنهار الجليدية والتربة الصقيعية من شأنه أن يكون له تأثير متتابع وأن يسرع من حدة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

ويشكل هذا التحدي عقبة خطيرة أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف البلدان بما في ذلك طاجيكستان التي يعد بلداً جبلياً وتمتلك الموارد المائية الهائلة، وعلى وجه الخصوص الأنهار الجليدية.

على سبيل المثال، نتيجة لهذه الظاهرة، نشهد زيادة غير مسبوقة في الفيضانات والجفاف والأحداث الطبيعية الأخرى المتعلقة بالمياه.

ومع الأسف تخسر بلادنا مئات الملايين من الدولارات سنويًا من جراء مثل هذه الكوارث الطبيعية.

وإن الكوارث الطبيعية الناجمة من المياه تؤدي في معظم الحالات إلى مصرع الأشخاص وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية ذات الأهمية الحيوية.

والنموذج الآخر لهذه العملية هو الذوبان السريع للأنهار الجليدية.

خلال عدة عقود ماضية أكثر من ألف نهر جليدي في طاجيكستان تعرض للذوبان.

 وإن أكبر نهر جليدي في العالم - "فيدشينكو"الذي يقع في بلدنا قد تقلص من ناحية الحجم 16 كيلومتراً مكعباً، ومن ناحية المساحة 45 كيلومترًا مربعًا.

وفي هذا الصدد، اعتمدت حكومة طاجيكستان برنامجًا حكوميًا لدراسة الأنهار الجليدية وحمايتها للفترة إلى عام 2030م.

ومن أجل متابعة هذه العمليات واتخاذ التدابير اللازمة للتكيف معها، قمنا بإنشاء مركز دراسات الأنهار الجليدية لدى الأكاديمية الوطنية للعلوم.

وإننا سنعزز جهودنا في هذا المجال على المستوى الدولي أيضاً.

 قبل عدة أيام عقدنا في مدينة دوشنبه اجتماعًا دوريًا لقادة تحالف المياه والمناخ، حيث تم اعتماد خطة عمل مع التنويه إلى نتائج ملموسة.

وفي الاجتماع الأول للتحالف في مارس من العام الماضي، تقدمنا بمقترح أن يتم إعلان عام 2025م كالسنة الدولية لحماية الأنهار الجليدية.

وهذه الأيام نواصل العمل على كافة المستويات لتفعيل هذه المبادرة ونأمل أن تلقى دعمًا واسعاً من المجتمع الدولي .

مشاركي المؤتمر الأعزاء،

كما هو معروف فإن الإدارة المتكاملة لموارد المياه، بما في ذلك ربط قضايا المياه بقضايا الطاقة والغذاء والبيئة هي واحدة من الأدوات الرئيسية في تسوية المشاكل ذات الصلة.

وهذه الجزئية لها أهميتها القصوى بالنسبة لطاجيكستان أيضًا.

حوالي 80٪ من إنتاج محاصيلنا الزراعية يأتي على حساب الأراضي المروية.

وإلى جانب ذلك، في بلدنا أكثر من 98٪ من الطاقة الكهربائية يتم توليدها من محطات الطاقة المائية.

وإن طاجيكستان من ناحية إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة بيئياً، أي "الطاقة الخضراء" تحتل المركز السادس على المستوى العالمي.

وفي هذا السياق، أود أن ألفت انتباهكم بشكل خاص إلى مسألة دور المياه في إنتاج الطاقة الخضراءالتي تعدّ من المصادر المتجددة.

واليوم هناك الكثير من النقاش حول هذا الموضوع.

ولكن في تقرير صادر عن الرابطة الدولية للطاقة الكهرومائية العام الماضي تم التأكيد أن تطوير هذا القطاع بالإضافة إلى تحقيق النمو الاقتصادي سيكون كذلك له دور محوري في عملية التكيف مع تَبعات تغير المناخ.

وفي الوقت الحاضر يجري العمل في  العالم على تخطيط وبناء محطات طاقة بقدرة إجمالية تبلغ 600 جيجاوات وهناك حاجة إلى أكثر من 600 جيجاوات من السعة الإضافية.

وإن جمهورية طاجيكستان، التي تمتلك موارد ضخمة من الطاقة المائية بإمكانها أن تقدم مساهمة قيمة في هذا الاتجاه.

 والقدرة الإجمالية للطاقة الكهرومائية في البلاد تقدر بـ 527 مليار كيلووات ساعة في السنة والتي استحوذنا على نسبة 3-4٪ منها فقط حتى الآن.

 واليوم نحن نواصل بناء محطة "راغون" الكهرومائية بطاقة إجمالية تقدر بـ17 مليار كيلووات ساعة من الطاقة الكهربائية.

وإن هذا المشروع يمثل نموذجاً بارزاً لجهودنا في هذا الاتجاه.

وهذه المحطة إلى جانب توليد الطاقة النظيفة بيئياً والأقل تكلفة، ستقدم كذلك إسهاماً ملموساً في تحقيق الإدارة المستدامة لموارد المياه وتقليل مخاطر الفيضانات والجفاف، والحد من انبعاثات غازات دفيئة في الغلاف الجوي.

واليوم تحتل طاجيكستان أحد المراكز المتقدمة في العالم من حيث انخفاض نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة.

والجدير بالذكر أن القسط الكبير من طاقة محطة "راغون" سيتم تصديره إلى دول المنطقة المفتقرة للطاقة الكهربائية الأمر الذي سيساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه البلدان.

كما أن الطاقة المولدة في "راغون" وغيرها من محطات توليد الطاقة في طاجيكستان من شأنها أن تسهم بشكل ملموس في تعزيز التعاون العابر للحدود والذي يعدّ من القضايا العالمية الملحة.

وإننا نولي بالغ العناية بهذا الموضوع، إذ إن التعاون العابر للحدود وخاصة على صعيد منطقة آسيا الوسطى وجنوب آسيا في مجال المياه والطاقة له دور محوري في حل العديد من القضايا.

وإن طاجيكستان التي تتولد على أراضيها 60٪ من الموارد المائية في منطقة آسيا الوسطى، تحرص دائمًا على ترشيد الاستفادة منها لصالح جميع البلدان في المنطقة.

فمن هذا المنطلق بالذات، إننا نعطي الأولوية لتعزيز التعاون العابر للحدود في إطار رئاستنا في الصندوق الدولي لإنقاذ بحر آرال.

قبل بضعة أيام فقط ، أطلقنا مع جارتنا القريبة - جمهورية أوزبكستان مشروعًا مشتركًا لبناء محطتين للطاقة الكهرومائية في طاجيكستان بطاقة إجمالية تبلغ 320 ميجاوات، الأمر الذي يمثل نموذجاً بارزاً لما قيل آنفاً.

السيدات والسادة!

هناك نقطة أخرى مهمة يجب أن تكون محل اهتمامنا وهي مسألة التمويل.

وفقا للتقارير الموجودة يبلغ الطلب السنوي على حصول الجميع على مياه الشرب المأمونة والظروف الأساسية للصرف الصحي فقط يقدر بحوالي 114 مليار دولار أمريكي.

كما أن الاحتياجات السنوية لتنفيذ أهداف اتفاق باريس في مجال المناخ تقدر بـ 6.9 تريليون دولار أمريكي.

ومن الواضح أن الدول النامية والبلدان الأقل نمواً لا تملك مثل هذه القدرات المالية.

فلذلك بدون مساعدة الدول المتقدمة والمؤسسات المالية  والقطاع الخاص فإنها ستواجه صعوبات كثيرة في تحقيق أهداف التنمية.

وإن تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص يشكل إحدى الوسائل الرئيسية في هذا الصدد، مما يخلق فرصاً جديدة لجذب استثمارات إضافية في قطاع المياه والبنية التحتية الخاصة به.

وبالتوازي مع ذلك، من الضروري أن يتم التعاون الدولي والشراكة بما في ذلك مع الشركاء والقطاعات الأخرى خارج مجال المياه واستخدام التكنولوجيات الجديدة والابتكارات والبحوث العلمية والتكنولوجية الجديدة.

وهذه الخطوات هي من العوامل التي من شأنها أن تساعد بشكل ملموس على حل قضايا المياه.

والمجتمع المدني ولا سيما النساء والشباب والسكان الأصليين والجمعيات المحلية بإمكانها أيضاً أن تقدم مساهمة قيمة في هذا المسار.

فمن هذا المنطلق بالذات تم إدراج هذه القضايا أيضًا في جدول أعمال منتديات واجتماعات مؤتمر دوشنبه.

 وإننا نتطلع إلى أنه سيتم إعداد توصيات ورسائل محددة بشأنها.

ومن أجل جذب الانتباه ورفع مستوى الوعي العام، قمنا أيضًا بإثراء برنامج المؤتمر وخصصنا الجزء الخاص بالماراثون العالمي في طاجيكستان ومهرجان دوشنبه المائي وقد شهدتم احتفالية مائية حقيقية في بلادنا.

الحضور الكريم،

كما ذكرت آنفاً، إن مؤتمر دوشنبه له دور محوري في التحضير لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه في عام 2023م.

فمن هذا المنطلق فإن مؤتمر دوشنبه يخدم للتنسيق ولربط نتائج الأحداث الدولية الأخرى، بما في ذلك حوار بون، والمنتدى العالمي التاسع للمياه، والقمة الرابعة لآسيا والمحيط الهادئ للمياه بالتنسيق مع المؤتمرات والتظاهرات القادمة - مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيطات والمؤتمر الـ27 لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ والأحداث الإقليمية والدولية الأخرى بهذا المنتدى الدولي المهم.

إن طاجيكستان وهولندا، بصفتهما رئيسين مشاركين لمؤتمر 2023م بالتعاون مع إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وآلية الأمم المتحدة للمياه، تقومان بالتعاون الوثيق مع الدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة ذات الصلة والأطراف المعنية الأخرى في عملية التحضير لهذا المؤتمر.

ونحن نرى أن هذا المؤتمر الذي ستعقده الأمم المتحدة بعد قرابة 50 عامًا ينبغي أن يصبح منتدى تاريخيًا ليس فقط من حيث التوقيت الزمني، بل لنتائجه المثمرة.

كما أن عام 2023م له أهميته من حيث استعراض منتصف المدة لأهداف التنمية المستدامة، وإن تقييم عملية تنفيذ أهداف عقد "الماء من أجل التنمية المستدامة" في مرحلته الأولى سيساعد على تسريع ودفع المساعي والجهود من أجل إنجاز أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالمياه.

وإن طاجيكستان بصفتها الرئيس المشارك لهذا المؤتمر الدولي المهم تعرب عن استعدادها للتعاون مع جميع الدول الأعضاء والأطراف المعنية وجنباً إلى جنب مع مملكة هولندا والشركاء من الأمم المتحدة ستبذل قصارى جهدها لضمان تنظيمه بشكل مثمر.

وإنني على ثقة من أن مشاركي مؤتمر اليوم أيضًا سوف ينتهزون فرصة هذه التظاهرة بالتتابع، للإسهام في المسار المشار إليه وإعداد رسائل محددة لمؤتمر سنة 2023م.

أتمنى لكم جميعًا، مشاركي المؤتمر الكرام، التوفيق والسداد وآمل أن تكون زيارتكم إلى طاجيكستان ممتعة لا تُنسى.

وأشكركم عل حسن اهتمامكم!

facebook
twitter
 
استمرار
 
استمرار
استمرار
رسالة إلى رئيس جمهورية تاجيكستان
وفقا للمادة 21 من قانون جمهورية طاجيكستان "بشأن طلبات الأفراد والكيانات الاعتبارية"، إذا ما ذكر عنوان اللقب أو الاسم أو الاسم العائلي أو الاسم الكامل أو مكان الإقامة وعنوان موقعه، او قدم خطاء وكذلك دون توقيع، تعتبر مجهولة الهوية ولن تتطرق فيها، و إذا ما لم تكن لديها معلومات عن التحضير لجريمة أو جريمة التي ما ارتكبت فيها.
Image CAPTCHA
الصحافة والإعلام لرئاسة جمهورية طاجيكستان
تلفون/ فاكس.: ٢٢١٢٥٢٠ (٩٩٢٣٧